يعتقد جيمس بيري، المدير الإداري لدى شركة ’هاوس أند هاوس‘ للوساطة العقارية، بأنه يتعين على المتخصصين في القطاع العقاري اعتماد التغيير كعنصر أساسي في حياتهم اليومية.
يلعب الوكلاء المستقلون دوراً ريادياً في القطاع، ويمكنهم الهيمنة على السوق باتخاذ خطوات مفيدة يمكن تكرارها.
ثمة نقاط ضعف محددة ترتبط ببعض القطاعات. وللأسف، لا يُستثنى القطاع العقاري من ذلك. وربما أنها تحمل بعض الصحة، إذ لا شك أننا جميعاً سمعنا عبارات شكوى من قبيل: “الوكلاء العقاريون سيئون” – “لم تواكب خدماتهم توقعاتي” – “عروض مزيفة” – “لا تقييمات متوفرة”، وغيرها من الشكاوى، والقائمة تطول.
وأشعر بانزعاج كبير عندما أسمع عبارات من هذا النوع عن الوكلاء أو القطاع، لأنها يجب أن تكون أفضل من ذلك.
يستند القطاع العقاري في عمله على خدمة العملاء، وهذا بالتحديد ما يتعين علينا تقديمه. وثمة الكثير من الأدوات والتقنيات الجديدة التي تساعد على تقديم خدمات أكثر سلاسة وبسرعة أكبر، ولكن العنصر البشري يشكل العامل الحاسم في إحداث الفارق بين وسيط عقاري وآخر.
وحالي حال الكثيرين، إذ كنت واحداً من الذين تلقوا خدمات عقارية ضعيفة المستوى في دبي أثناء بحثي عن عقار لنفسي.
فكيف يمكن للمرء أن يطّلع على عقار بوجود وكيلة عقارية تحمل طفلها الرضيع الباكي معها أثناء العمل؟ أو اللقاء مع وكيل لا يمتلك سيارة أو حتى المال اللازم لدفع أجرة سيارة الأجرة. نعم، لقد حدث ذلك معي بالفعل! وانتهى بي المطاف بأن أشعر بالأسف على الوكيل وأقوم بدفع الأجرة عوضاً عنه. وهذا “يحدث فقط في دبي” كما يقال.
إذاً، من هي الجهة الفعالة والمؤثرة والحافزة لهذا القطاع؟
ومن يتحمّل مسؤولية تنشيط السوق وتفعيلها واختبار قدرتها؟ لا شك أن مؤسسة التنظيم العقاري، وهي الجهة الناظمة للقطاع، تؤدي دوراً رائعاً في مساعدة الكثير من الأشخاص الذين يرغبون بتجربة العمل في هذا القطاع. وبالرغم من ذلك، فمن الصعب ألا نلاحظ بأن الكثير من الدول، مثل أستراليا والولايات المتحدة وألمانيا، تتطلب من هؤلاء الأشخاص اجتياز اختبارات وإجراءات أطول وأكثر تعقيداً.
ويمكن أن يسهم فرض معايير أكثر صرامةً على دخول القطاع مع التركيز خدمة العملاء أن يوفر سوقاً عقارية راسخةً وتقوم على مبادئ تعزيز مستويات رضا العملاء. ومن المحتمل أن يفضي الارتقاء بمستويات الثقة في القطاع، ولا سيما بالنسبة إلى الوافدين الجدد إلى دبي أو الذين ليس لديهم وسيط عقاري محدد، إلى زيادة حجم التعاملات العقارية. وأعتقد بأن ذلك سينعكس إيجاباً على الارتقاء بسوية السوق العقارية على المدى الطويل.
أم أن المسؤولية تقع على عاتق المديرين أو رؤساء الشركات العقارية لتغيير الصورة السلبية عن القطاع؟ أم أنها ستقع على عاتق الوسطاء العقاريين أنفسهم؟
تنطوي هيكلية التعويضات المستندة إلى مبدأ “العمولة فقط” على الكثير من الإيجابيات والسلبيات بالنسبة للسوق.
وتتمثل الإيجابيات في أن هذا النموذج قد يقدم فرصة حقيقية لتأسيس مسيرة مهنية مربحة جداً بالنسبة لقادة القطاع العقاري في دبي.
أما الناحية السلبية فتتمثل في الحاجة المتنامية لإتمام الصفقات بأي ثمن في سوق عقارية تشهد تنافسية شديدة، حتى لو تطلب الأمر تزييف الحقائق. وينتج عن كلتا الحالتين تحقيق أرباح على المدى القصير واكتساب عدد قليل من الأصدقاء. ومن هنا، فإني أوصي الوسطاء العقاريين الجدد بعدم الاهتمام بالجانب المالي للصفقات، والتعامل مع العميل المحتمل كما لو أنه أحد أقاربهم ومساعدتهم في جميع مراحل العملية. ويفضي ذلك إلى تحقيق أفضل النتائج، ويؤدي، إذا ما تم بشكل صحيح، إلى زيادة في المكاسب على مختلف الأصعدة، ولكن مع فارق واحد يتمثل في التزكية بالتعامل مع الوسيط العقاري وتعزيز قابلية نموه وتطوره.
وأعتقد أنه بمقدور الوسيط أن يكون من النخبة وأن يقدم خدمة عملاء مثالية. وعادة ما يبدأ هذا التوجه انطلاقاً من الإدارة وصولاً إلى الموظفين. وبالرغم من ذلك، يعد توظيف أشخاص ملائمين يتحلون بمعنويات عالية أمراً أساسياً للحفاظ على القيم الأساسية للشركة. إذ ينبغي التركيز على النمو بشكل طبيعي، والاعتماد على مهارات وظيفية رفيعة، وليس مجرد التوظيف لملء المناصب الوظيفية الشاغرة؛ وهو أمر يبدو رائجاً حالياً. ومن هنا، فإن تزويد العملاء بتجربة مريحة ينبغي أن يشكل الأساس الذي يقوم عليه أي نموذج أعمال ناجح.
ويلعب الوكلاء المستقلون دوراً ريادياً في القطاع، ويمكنهم الهيمنة على السوق باتخاذ خطوات مفيدة يمكن تكرارها.
وبالعودة إلى هيكلية التعويضات، فإني أعتقد بأنه يتعين على الشركة توعية الموظفين ليدركوا أن سمعتهم الطيبة على المستوى الفردي تشكل عنصراً جوهرياً في تحقيق النمو الشخصي أو على مستوى علاقاتهم.
كما أن الوسطاء العقاريين “الأذكياء” يتحملون المسؤولية الكاملة عن علاماتهم التجارية “الشخصية”، وينبغي أن يتعاملوا من منطلق العمل لحسابهم الخاص تحت مظلة شركات الوساطة العقارية. ولدي اعتقاد راسخ بأن الوسيط الجيد لديه القدرة على توليد أعمال مستقبلية استناداً إلى الدعم الذي تقدمه له الشركة.
وعلى العكس من ذلك، فإن الضرر الناجم عن الوسيط ذو الأداء السيء يمكن أن يطال النجاح على المستوى الشخصي وسمعة الشركة. إذ كم يبلغ عدد العملاء الذين سيعيدون التعامل مع شركة وساطة عقارية تجربة سيئة خاضوها مع أحد وسطائها؟
الإجابة: صفر.
ما الذي ينبغي أن نتوقعه من القطاع؟
تشهد السوق العقارية في دبي نمواً وتطوراً مستمراً. وتتطلب قاعدة العملاء النموذجية في دبي حالياً خدمات عالية الجودة، وينبغي على جميع المتخصصين بالقطاع العمل بشكل حثيث للارتقاء معاييره.
وأعتقد أنه ينبغي استخلاص رؤية شاملة من جميع الجهات الرئيسية في القطاع لإحداث التغيير المطلوب، وتعزيز حضور دبي على المستوى العالمي فيما يتعلق بسوق العقارات.
وكما قال والت ديزني: “أتقن عملك لدرجة تدفع عملاءك لطلب المزيد والتوصية به لأصدقائهم”.
بقلم جيمس بيري
المدير الإداري، ’هاوس أند هاوس‘ للوساطة العقارية
تم نشر هذا المقال أول مرة في مجلة ’بريستيج‘، العدد 36.