هل تمثل هذه الأسعار المستوى الاعتيادي الجديد؟
بشكل عام، يتابع عام 2018 مسيرة العامين الماضيين بالنسبة لسوق العقارات، حيث شهدت الأسعار انكماشاً واضحاً في كافة المجمّعات تقريباً. وفي حين يؤكد الكثير من الناس أن هذا الأمر يمثّل تصحيحاً للأسعار، نظراً لتضخم الأسعار الملحوظ خلال الأعوام الماضية، يثير هذا الواقع نوعاً من انعدام اليقين بالنسبة للمستثمرين عندما يقترن بالعوامل الأخرى في السوق.
ونعتقد أن هذه التغيّرات تمثّل حركةً صحية في السوق بالنظر إلى أهمية التكاليف الميسورة عندما يكون السكان أحد العوامل المؤثرة في إمكانية جعل دبي موطناً لهم على المدى الطويل. ونتيجةً لذلك، سمح هذا الانكماش للعديد من السكان بدراسة خيار شراء منازلهم الخاصة بدلاً من الاستمرار في تبديد أموالهم على الإيجارات. وشغل هذا السؤال ذهن الكثيرين خلال العام الماضي، ومن المتوقع أن يستمر خلال السنوات القادمة.
المشهد العقاري خلال عام 2018
وقد يكون تأثر السوق العقارية بدبي بحالات النجاح أو الفشل التي تشهدها الأسواق العالمية أمراً جيداً أو سيئاً، بالنظر إلى تنوع المستثمرين النشطين في القطاع العقاري. وبسبب التقلبات التي تشهدها جميع الأسواق الرئيسية تقريباً باستثناء الولايات المتحدة، تراجع حجم التعاملات العقارية في دبي بنسبة 14% قياساً بالمستوى المسجل خلال عام 2017. ويمكن أن يعزى ذلك إلى قوة الدولار الأمريكي، حيث يستثمر العديد من الهنود غير المقيمين (NRI) في سوق العقارات الهندية كما تسهم قوة الأسواق الأخرى في استقطاب رؤوس الأموال الأجنبية مثل جنوب شرق آسيا والمملكة المتحدة. وتلعب أسعار النفط دوراً واضحاً في تقليص حجم الصفقات العقارية حيث استمرّت الموارد النقديّة بالانخفاض خلال عام 2018.
وكنتيجة لذلك، شهدت قيمة أسهم بعض أهم القوى في أسواق العقارات انخفاضاً عشرياً خلال عام 2018. وشهدت شركة ’إعمار‘، مالكة برج خليفة ودبي مول وعشرات آلاف العقارات السكنية التي تتراوح بين متوسطة إلى كبيرة المساحة، انخفاضاً في حجم إيراداتها خلال الربع الثالث من العام بمقدار 29%. وبشكل عام، كان لهذا الانخفاض أثر كبير على مؤشر الأسهم، إذ انخفضت قيمة أسهمها بنسبة 25% للعام الماضي. كما شهدت شركات التطوير العقاري الأخرى مثل ’داماك العقارية‘ انكماشاً اقتصادياً أكبر، حيث انخفضت أرباحها بنسبة 68% وتراجعت قيمة أسهمها بمقدار 38%. وبالمثل، انخفضت قيمة أسهم شركة ’الاتحاد العقارية‘، المطور الرئيسي لمجمع ’موتور سيتي‘، بنسبة 36%. في حين نجحت شركة ’نخيل العقارية‘ المملوكة حكومياً في تجنّب نسب الانخفاض الكبيرة، حيث شهدت أرباحها انخفاضاً طفيفاً بمقدار 3.5% فقط.
وبالرغم من التقلبات التي تشهدها سوق النفط، كان هناك نشاط اقتصادي إيجابي. وشهدت مبيعات الأراضي ارتفاعاً خلال عام 2018، مع تسجيل 800 ضفقة إضافية قياساً بعام 2017. ومع استمرار التحضيرات لمعرض ’إكسبو 2020‘، سيواصل الإنفاق الحكومي ارتفاعه في عام 2019 على غرار عام 2018، بميزانية كلية تصل إلى 56.8 مليار درهم إماراتي (15.5 مليار دولار أمريكي)، تُخصّص 9.2 مليار درهم إماراتي منها لتطوير البنية التحتية استعداداً للمعرض.
أبرز أرقام التعاملات العقارية خلال عام 2018
- انخفض الحجم الإجمالي للتعاملات بنسبة 14% قياساً بعام 2017.
- شهد عام 2018 إجراء 34,942 صفقة شراء عقارية
- 33,103 منها كانت في سوق العقارات السكنية
- انخفض حجم الصفقات العقارية للعقارات المباعة على الخارطة انخفاضاً بنسبة 27.7% خلال عام 2018 قياساً بالمستويات المسجلة خلال عام 2017
وكانت أبرز المناطق من حيث التعاملات كالتالي:
- مدينة محمد بن راشد (3,342 صفقة)
- الخليج التجاري (2,945 صفقة)
- المدينة العالمية (2,560 صفقة)
- مثلث قرية جميرا (2,305 صفقة)
- مرسى دبي (2,040 صفقة)
وبينما يعتقد الكثيرون أننا نشهد ركوداً اقتصادياً وأن أسعار العقارات ستُعاود الارتفاع إلى ما كانت عليه قبل عام 2016، تُشير الوقائع إلى أن الأسعار التي نشهدها هي الأسعار الطبيعية الجديدة، بالنظر إلى كمية العرض المطروح حالياً في السوق والمتوقّع طرحه عام 2022. ويمكننا أن نتوقّع انخفاضاً أكبر في الأسعار خلال عام 2019 حيث يستمر السوق باستيعاب الكميات الهائلة من العروض التي طرحت في عام 2018 وتلك التي ستكتمل بحلول عام 2019.
إحصائيات المستوى الأعلى للإمدادات
- تم إكمال 21,014 وحدة سكنية تضم الشقق والفلل ومنازل التاون هاوس بحلول الربع [NA1] الثالث من عام 2018.
- وبلغت أعداد العقارات الإجمالية المعروضة للبيع عام 2018 واقع 28,890 وحدة في قطاعي التملك الحر وغير الحر.
- من المتوقع أن يتم إنجاز 13,250 وحدة خلال النصف الأول من عام 2019.
- من المتوقع أن يتم إنجاز 47,502 وحدة مع نهاية عام 2019.
بالرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة، يعمل المطورون على إنجاز الأعمال الإنشائية وتسليم المشاريع بالسرعة القصوى.
قراءة المزيد:
توجهات العرض والطلب الرئيسية في السوق – ملخص عام 2018
الرؤى المتوقعة لعام 2019
بالنظر إلى عام 2019، يواصل العرض مسيرته ذاتها فيما نشهد وصول كمية غير مسبوقة من عروض الوحدات السكنية إلى السوق. حيث كشفت الدراسة البحثية التي أجرتها ’بروبرتي فايندر‘ في نهاية عام 2018 عن وجود 33,982 وحدة سكنية قيد الإنشاء في دبي بمعدل إنجاز 65% على الأقل من المقرر تسليمها في عام 2019. وتشتمل هذه الوحدات السكنية على 29,115 شقة و4,867 فيلا/منزل تاونهاوس. وبإضافة 13,520 وحدة كان من المقرر أن يتم الانتهاء منها خلال عام 2018 وتم تأخير موعد إكمالها لعام 2019، يمكننا أن نتوقع إنجاز 47,502 وحدة بحلول نهاية العام الجاري. وعلى الرغم من عدم اكتمال عمليات التنفيذ على الدوام، فقد شهد المعدل ارتفاعاً ملحوظاً خلال العام الماضي، وسيواصل على هذا المنوال في عام 2019 حيث تواظب المشاريع على تسريع وتيرة العمل لإنهاء عملياتها بحلول موعد معرض ’إكسبو 2020 دبي‘.
وتشتمل هذه الإحصاءات على 2,296 وحدة ضمن عدد قليل من المشاريع في ’تاون سكوير‘ و5,652 من الشقق والفلل ومنازل التاونهاوس التي تنفذها شركة ’إعمار العقارية‘ في مناطق المرابع العربية 2 و’داون تاون دبي‘ وخور دبي ودبي هيلز استيت‘.
وباعتبار أن المشهد العقاري مرتبط بالتوقعات الاقتصادية العامة، نلاحظ أن صورة الاقتصاد الكلي لعام 2019 في دولة الإمارات تعاني من غياب النمو في قطاع النفط وركود إجمالي في نمو القطاع غير النفطي. وفي تقريره لنهاية العام، قام بنك الإمارات دبي الوطني بتنقيح الرقم الذي يمثل نسبة نمو القطاع غير النفطي خلال عام 2019 مغيراً إياه من 3.1 إلى 2.8%. واستناداً إلى البيانات السابقة والمستمدة من ’مؤشر مديري المشتريات‘PMI))، يساهم غياب النمو على صعيد التوظيف والأجور في تثبيط السوق.
ومع ذلك، ستنطلق التحضيرات والاستعدادات لمعرض ’إكسبو 2020 دبي‘ بزخم كامل، وبالتالي تعتبر قطاعات البناء والتشييد والتصنيع والقطاع العقاري بمثابة القطاعات التي ينبغي التركيز عليها ومتابعتها.
وفي عام 2019، يمكننا أيضاً أن نتوقع رؤية المزيد من الارتفاعات في أسعار الفائدة. ومجدداً في شهر ديسمبر، ترافقت سياسة التشديد النقدي الأمريكية مع زيادة في أسعار الفائدة بواقع 25 نقطة أساس إضافية، ما ادى إلى ارتفاع اسعار الفائدة في الإمارات العربية المتحدة أيضاً نظراً لارتباط الدرهم الإماراتي بالدولار الأمريكي. وفي السابق، كان من المتوقع حدوث 3 ارتفاعات في أسعار الفائدة خلال عام 2019، ولكن بسبب حالة تباطؤ الاقتصاد الأمريكي المتوقعة خلال الأشهر اللاحقة من العام، قام المحللون بتنقيح هذا الرقم إلى ارتفاعين، أو حتى ارتفاع واحدٍ فقط في أسعار الفائدة. وسوف تؤثر هذه المراجعات والتصحيحات بشكل مباشر على ارتفاعات أسعار الفائدة في الإمارات.
وفي أواخر عام 2018، قام صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة حاكم إمارة أبوظبي، بتعديل المرسوم التشريعي لعام 1980، الأمر الذي سمح للمصرف المركزي باكتساب بعض المرونة عندما يتعلق الأمر بتحديد سقف المبالغ التي يمكن أن تقرضها المصارف لمختلف القطاعات. ويمكننا رؤية آثار هذا المرسوم المُعدّل باعتبار أن المصارف باتت الآن قادرةً على إقراض المزيد من رأس المال للقطاع العقاري. ولا تزال عمليات الاندماج جاريةً على قدم وساق في قطاع المصارف، مع قيام أبوظبي بوضع اللمسات النهائية على التحالف المقرر بين بنك أبوظبي الوطني وبنك الخليج الأول لتشكيل بنك أبوظبي الأول (FAB). ومن المتوقع حدوث عملية اندماج أخرى بين بنك أبوظبي التجاري وبنك الاتحاد الوطني ومصرف الهلال من شأنها أن تجمع تحت مظلتها أصولاً إقليميةً بقيمة 110 مليار دولار أمريكي. ويمثل هذا الأمر مساحةً هامةً وجديرةً بالمراقبة، حيث أنه سيحافظ على القدرة التنافسية للإقراض بالرغم من الانخفاض العام في أسعار النفط وتراجع وتيرة الإنتاج.
وعلى الرغم من كل هذه الجوانب الإيجابية، لا تزال السوق تشهد حالةً من انعدام اليقين بالنسبة للبعض. إلا أنه من المجدي مواصلة التركيز على العوامل التي ساعدت السوق على الانتعاش خلال العام الماضي، إلى جانب التركيز على القطاعات التي تحقق النمو والتي ستدفعنا نحو عام 2020 وما بعده.
قراءة المزيد:
لينيت آباد، مديرة الأبحاث والبيانات لدى ’بروبرتي فايندر‘
تم نشر هذا المقال مسبقاً في تقرير ’روبرتي فايندر تريندز – العدد 5‘